وهكذا فرغم أن القصة معروفة للجميع إلا أن سيرة الرجل وأبناء جيله الثريه بالتجربة الإنسانية لم يتناولها الأدب العالمى رغم أنه تناول ما يناظرها مثل نهضة بطرس الأكبر بروسيا ونهضة الإمبراطور ميجى باليابان وما هو أقل منها بكثير فى عصرنا الحالى كثورة الشريف حسين فى الحجاز بالفيلم الشهير "لورانس العرب" وربماكان السبب هو بعد مكانه وزمانه عن أماكن ازدهار الأدب العالمي فى أوربا وروسيا كما أن الأدب العربي غفل عنه وعن عصره ففى النثر لا يوجد باستثناء رواية "المملوك الشارد" لجورجى زيدان وفى الشعر لم يتغن إلا أحمد شوقى بالخطوب الهائلة التى حدثت وأحدثها محمد على- على حد تعبيره – وهو لم يتغن إلا بهذه الأبيات وهى جزء من قصيدة " كبار الحوادث فى وادى النيل" والتى ألقاها فى مؤتمر المستشرقين بفيينا موفدا من الخديو توفيق 1892 (وجزء من هذه الأسباب سياسية فهو مؤسس الأسرة العلوية التى أطاح بها عبد الناصر1952 وظل الإعلام المصري لفترة طويلة بعدها يهاجم هذه الأسرة وحكامها ويلصق بهم كل النقائص الممكنه والغير ممكنة) إلا أنه حتى فى عهد أسرة محمد على لم يهتم أبناء هذه الأسرة تخليد ذكرى جدهم أدبيا أو سينمائيا الاهتمام اللائق كما أخال أن السبب هو عدم استمرار وتصاعد نهضة محمد على بعد وفاته بل انتكست فى حياته عكس نهضتى روسيا واليابان اللتين استمرتا حتى الآن
ونذكر هنا الفيلم الشهير "أنا وملك سيام" عن مفارقات تواجد سيدة انجليزية فى بلاط ملك سيام وهو حدث بسيط بالمقارنة باستقدام الكثير من الأوربيين فى شتى مناحى الحياة بمصر وهناك الكثير من المفارقات والقصص التى كانت تصلح مادة لأفلام عالمية مثل هذا الفيلم ولكن لعل السبب هو أن محمد على لن يروق للمشاهد الأوربي والغربي فقد كان مكروها هناك فى حياته - وبلغ كره الرأي العام الأوربي له أقصاه حين انتصر على الثورة اليونانية التى كانت تحظى بالتعاطف فى أوربا- وظل كذلك بعد مماته فهو يختلف عن كل أولئك بأنه بنى أكبر قوة عسكرية خارج أوربا ونازل بجيوشه وأساطيله الدول الأوربية الكبري مجتمعة
كما أن التأمل فى تاريخه يوحى بذلك وهو ماعلق عليه الرافعي فحين انهزمت الثورة اليونانية أمام جيوش محمد على تدخلت بريطانيا وفرنسا وروسيا ودمرت أساطيل محمد على والدولة العثمانية غدرا دون اعلان حرب فى موقعة نصيبين 1827 ولم ترض إلا بسلخ اليونان عن الدولة العثمانية واعلان استقلالها 1830 أما ثورة محمد على مرتين 1839 ,1831 ضد الدولة العثمانية فتدخلت الدول الأوربية الكبرى عسكريا ضد محمد على "للحفاظ على استقلال وسلامة ممتلكات الدولة العثمانية" فلماذا تناقضت معاملة الدول الكبرى لكل من اليونان ومصر؟ لماذا استخدمت فواتها العسكرية لكي تنيل اليونان استقلالها عن الدولة العثمانية بينما منعت مصر بالقوة العسكرية من نواله فى نفس الزمن وعن نفس الدولة؟ ما الفرق بين اليونان ومصر؟ هل لأن تلك مسيحية وتلك اسلامية؟ هل لأن تلك أوربية وتلك شرقية؟ أم لأن تلك انهزمت عسكريا أما مصر فانتصرت مرتين؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق